ونحن في صدمة هذه الجمعة الحزينة..

ونحن في صدمة هذه الجمعة الحزينة..
هذا اليوم المفجع..
هذا اليوم..
هذا اليوم المبكي..
هذا اليوم الذي يغادرنا فيه الشريف
الزاهد ، العابد ، العارف..
أتذكر قصة وفاة محمد الزين كلينيكيا سنة ١٩٩١
نعم فقد توفي كلينيكيا في سنة ١٩٩١
كان في المستشفى الوطني
وقد تجمهر حوله جل اطباء البلاد
اكتشفوا في فحوصه ان فيروس الكبد ب
قد أتى على كبده
ثم بدأت اجهزته تتعثر
وضعوا له التنفس الصناعي
وأتوا بماكينة اعانة القلب..
وامتدت أسلاك وتوصيلات من بدنه لمعداتهم
التي كانت تطلق رنينا ووميضامتقطعا ومتلاحقا..
لقد شخصوا وضعيته بالميئوس منها..
وكانوا يتمتمون بأن أمامه ساعات قليلة
ويسدل الستار..
ثم دخل عليهم فجأة
رجل ملثم يلبس خرقة بيضاء
وكان يلف جذعه بمئزر أبيض كمطاريف الكوريات.
وراح ينتزع التوصيلات تحت صراخ الممرضين والأطباء
نزع جهاز التنفس
وقال له : أوعى ..
كافيك من الرقاد..
ثم وضع يده تحت رأسه متمتما،
وأسنده بحنو..
فتح محمد الزين عينيه..
ثم ابتسم..
أوقفه الرجل الغريب..
فاستيقظ تمام اليقظة..
استيقظ متحمسا ..كمن كان نائما في فندق خمسة نجوم
كمن كان هاجعا في عطلة على شاطئ البحر..
قال الرجل الغريب بصوت متهدج :
المساكين يحتاجونك
لا وقت للمرض ..ولا للكسل..
وقف محمد الزين من سرير المرض..
التفت مبتهجا صوب مرافقيه وقال لهم :
سلموا على محنض بابا..
أخذ محنض بابا بيده
وخرجا من بوابة المستشفى الكبير
ضحى..
واختفيا في ضجيج المدينة.
لم يدخل محمد الزين أي مستشفى
حتى يوم أمس..
واغلب ظني انه أدخل المستشفى ولم يدخله بكامل ارادته ..
خلال عقود لم يقبل اجراء
أي فحص
أو تحليل
وحين كان يعرض عليه محب من محبيه
السفر للخارج
يضحك كثيرا ويقول له :
انا مت منذ زمن طويل..
اذا كنت تريد صرف مالك في الخير فعليك ان تتصدق بكذا على القرية الفلانية او ان تحفر بئرا في قرية كذا..وما على تلك الشاكلة من المشاريع الخيرية التي شغلته كل حياته.
اللهم ، انه لديك ، فارحمه واغفر له وتقبل منه
فقد عرفناه مسكينا لا تجبر فيه ولا رياء
مهتما بالمنسيين.. والهائمين بالبراري
مؤمنا بوحدانيتك ، متجنبا للمعصية..
اللهم انزل لطفك على ذريته وأهله
وعلى محبيه ومرافقيه ..
منا الدعاء ومنك الاجابة..
وحسبنا الله ونعم الوكيل..