يوميات معلم في الأرياف الحلقة السادسة
الواحدة بعد منتصف الليل
يوميات معلم في الأرياف (الحلقة 6)
الخيمة – المدرسة
أكملت السنة الدراسية في مدينة بوگى بالمدرسة 3 تحت ادارة المدير صال رحمه الله، وفي السنة الدراسية الموالية تم تحويلي مديرا لمدرسة في البادية تحت خيمة، نطويها ونرحل مع لفريگ كلما ارتحل.
تقع مدرستي الجديدة في مقاطعة الاك بلدية شگار تحديدا على تخوم المقاطعة بين بلدية شكار ومقاطعة مقطع لحجار. ركبت صباحا من مدينة الاك متجها الى بلدية شگار، عند وصولولي دلني احدهم على صيدلية لها علاقة بالبادية التي اقصد، دلفت الى الداخل فاستقبلني صاحب الصيدلية، رجل فوق الخمسين تقريبا. بعد التحية اخبرته بأمرى فقال لي: اهل لخيام لم يحضروا بعد فل تنتظر حتى يصلوا.
اثناء انتظارى مر بي احد ابناء المدينة وكان يسوق سيارة فتوقف وسلم علي بحرارة وسألني مالذي افعل هناك، فأخبرته بأمري، فقال: سنذهب الى البيت حتي يصل القوم الذين ستدرس عندهم. أكرمني الأخ كثيرا وانا في حيرة، فالرجل يعرفني وانا لا اعرفه، ولم اتجرأ على سؤاله.
بقيت عنده ثلاثة ايام في احسن حال، وفي كل صباح اذهب الى السوق لأعرف هل جاء احد من القوم ام لا. كان اهل البادية يسأل بعضهم البعض عن الحية الفلانية هل جاء منها احد….. وفي هذه الأيام كذلك التقيت بأحد اصدقاء الطفولة ( محمد يحي)لم يحالفه الحظ في الدراسة فإلتحق بالطب متعلما بالممارسة فقط ليصبح شبه طبيب، يلبس البدلة البيضاء ويضمد الجراح ويحقن المرضى ويصول ويجول في طب القرية……. الكل يعرفه ويخطب وده. كلما اعرفه انه لايحمل شهادة ولم يشارك في مسابقة لولوج قطاع الصحة….. صديقي هذا لم التق به منذ تلك الأيام واتمنى ان اجد اخباره، هل مازال طبيبا ام انتقل الى قطاع آخر…!!!
كنت اجلس معه بعض الوقت عند المستوصف واثناء ذلك تعرفت على الطبيب الرئيسي با وبعض العمال.
بعد ايام وصل سكان لفريگ وتعرفت عليهم عند الصيدلية وخاصة الرجل الطيب محمد. تبادلت اطراف الحديث مع الرجل واخبرني انهم تأخروا في الوصول الى القرية لأنهم كانوا في منطقة بعيدة ورحلوا مؤخرا ليقتربوا من القرية مع بدء السنة الدراسية.
اخبرني ان المدرسة تحتاج لسبورة، فإشترينا لوحة من الخشب( كونتر بلاك) وسبغناها باللون الأسود واشترينا الطباشير….اي ماخف حمله من التجهيزات، فقد حضرت صفر اليدين ولم تقدم لي الإدارة اي تجهيز.
ودعت مضيفي احمد ولد اريزك الذي تعرفت عليه مؤخرا، فنحن من مدينة واحدة لكنه يكبرني سنا وقد غادر المدينة وانا صغير لذلك لم اعرفه رغم انني اعرف اسرته جيدا.
في المساء ركبنا سيارة 404 محملة بالحقائب والخبز واللحم والخضراوات والسبورة التي كادت تتكسر لصعوبة وجود مكان مناسب لها في السيارة. وصلنا لفريگ قبل الغروب وتوقفت السيارة امام خيمة محمد وانزلنا ماحملنا معنا من القرية، جاء اطفاله فقال لهم: جبتلكم الگراي المدرسة تبدأ الصبح، فتقدم الأطفال للسلام علي بحياء.
بت ليلتي الأولى في خير، وفي الصباح طلبت من محمد ان يعطيني ارشيف المدرسة ويرسل لكل فريگ ان يبعث ممثلا غدا لعقد اول اجتماع مع آباء التلاميذ.
في الصباح ذبح محمد كبشا لضيافتي وحضر خمسة رجال يمثلون افرگان، فسألت عن اسمائهم ولاحظت ان احد الأسماء تغيب(اسمه زيد). خاطبني احدهم قائلا: الگراي بسم الله نبدأ، فقلت له مازال زيد، فقال: زيد اگد مايورطك فأجبته زيد مثلكم جميعا وانا بعثتني الدولة لأدرس ابناءكم جميعا وهم سواسية في المدرسة وبالتالي حضور الجميع ضروري.
في تجربتك كمعلم دائما ما تتعرض لمواقف واحداث تحتاج في مواجتها ان تنبه الجميع انك تمثل الدولة بكل هياكلها، وعليك ان تستخدم احسن الطرق والحكمة لتوصل رسالتك الى الجميع وبالتي هي احسن.
بعد الإجتماع مباشرة نصبت خيمة المدرسة في الوسط بين افرگان، واسندت السبورة على اركايز في الوسط لتفصل بين القسم الرابع والقسم الثاني. حيث كان علي ان اقدم درسا لأحد الأقسام واتحول الى الجانب الآخر من الخيمة لأقدم درسا للقسم الآخر…..
يتواصل