الفرصة التي علينا أن لا نضيعها !! / التراد سيدي
إن بلدنا الذي تحاصره المشكلات من كل جانب وتكاد تنغلق في وجهه السبل بسبب تراكم المشكلات وتعقدها وصعوبة خلق الأدوات التي يمكن أن تمكن من قهر تلك الصعوبات وتساعد في تجاوز عديد المطبات والعثرات الكثيرة للتي تكونت وقوت نتيجة تاريخ طويل من تبني نظام التفرقة الأجتماعية القديمة والباقي قويا ثابتا وصامدا لايتزحزح ذلك النظام الذي افتقر دوما للمساواة ولروح الأخوة والتكافئ والإنصاف لقد تسبب الجهل وتقاليد البداوة وتحجر العقليات باستمرار تمسك المجتمع بتقاليد بالية عفى عليه الزمن وتجاوزتها الإنسانية وكان لغياب القادة المصلحين وأهل الفكر والعقول النيرة وغياب تدخل العلماء المحترمين بفتاوي شرعية توضح للعامة خطأ مايسود من سلوكيات تمييزية باطلةدور كبير في عدم تأثر هذ السلوك عبر مل المراحل، هذا النقص في التوجيه والفراغ في قيم وتقاليد صحيحة في العلاقات سهل إذ عان الجميع متعلمين وأميين لما تعودوا عليه من علاقات لا إنسانية تنافي العقل والمنطق تعتبر البعض نبلاء متميزين يحق لهم الترفع على الجميع لهم الحق في القيادة والسيادة والريادة ويرون أنه لا يناسبهم ولايناسب ذراريهم العمل اليدوي والمهن التي تتطلب جهدا عضليا يعتبرونها لا تناسب مقامهم ومكانتهم يعتبرونها لا تصلح إلا للأجانب والمواطنين الأقل نبلا وشرفا.
هذه العقلية وهذا الوضع الغريب شكل أخطر مشكلة تعيشها موريتانيا وتعتبر من المسكوت عنه سكوتا أقرب للدعم أو القبول في الحد الأدنى!! وإنني أرى أنه حان لنا أن نوضح أن رؤساءنا ووزراءنا و قادتنا من سلطات وقوى سياسية معارضة وموالية جميع هذه القوى تشترك في المسؤولية عن دعم العقليات الفاسدة المتفشية والسائدة في المجتمع إن لم يكن بالممارسة الفعلية والدعم الصريح فبالسكوت المطبق عن نقدها وعدم رفضها وعدم دعوة الشعب لنبذها والتخلص منها فالجميع أظهروا قبول التعايش مع هذه السلوكيات وعدم بذل أي جهد لمقاومتها واستبشاعها والتبرئ منها وكان الموقف من سلوك المترفعين عن الأعمال والمهن المحتقرة عندهم موقفا مائعا ومجاملا بل قابلا له وغير معترض عليه.
والشيء المؤكد والذي لا نعتقد وجود من يجادل فيه هو أن الطبقة السياسية الوطنية بجميع أصنافها وتنوعها مستمرة تتماها وتخضع بكبارها وصغارها مسؤوليها وبسطائها متعلميها وجهالها للمجتمع الجاهل وتجاريه في سلوكياته فلا يظهرون اعتراضا ولو بسيطا على فئاتهم وأهليهم وقربائهم الذين يترفعون على العمل اليدوي والمهن المختلفة بلا خوف من مؤاخذة أو لوم ويتساهلون مع استمرار الأعتراف والقبول الفاضح بالتراتبية المقيتة التي تجعل الشعب فئات شريفة وأخرى دون ذلك تختلف في القيمة وتورث مكانتها لذريتها للشريف شرفه ولبسيط الأصل بساطته!!
إن استمرارية شعبنا يحافظ على هذه العقليات المتخلفة هو الذي تسبب في الضعف الذي رافقنا والإخفاق الذي لازمنا فلم نستطع السير خطوة واحدة إلى الأمام للتقدم والتطور وتغيير بعض مابنا.!!
إن وضعنا الاجتماعي المريض وغير المقبول ترافق وجوده الضار بوجودأشكال من سوء الحكامة والفساد في التسييربشكل وحجم لايمكن معه تحقيق شيء مفيد أو فعل شيء ذانفع أوفائدة، فكان إمكان تطورنا وتقدمنا في هذه الأحوال مستحيلا او شبه مستحيل فلا نحن موحدين ومتماسكين اجتماعيا ولا نحن راشدين قادرين على إصلاح وتدبير ما نملك أو مؤهلين لتأهيل الظروف وتطوير الوسائل التي تمكن من مواكبة تطور متطلبات الحياة،..
إننا بالحالة التي نحيا ونعيش لا نجد أمامنا سوى خياران لا ثالث لهما :
أولا: أن نستغل الظروف التي تعيننا على تصليح أمورنا واستأناف أو بدء النهوض والتقدم فنعمل لحل مشاكل الشعب وإنهاء تأثير الجهل والفقر وحليفهما الدائم المرض وحاضنهما الفساد والتخلف وسوء الحال، هذا خيارنا الأمثل ويدعمه ويشجع عليه مع الضرورة الملحة قرب بدئ التدفق للأموال التي ستردنا من استغلال الغاز واليرانيوم ومن ارتفاع أسعار الحديد مع إمكان التوسع في استغلال الذهب بنوعيه الصناعي والسطحي و إمكان زيادة الدخول ببعض التدابير المناسبة في مجال الصيد البحري الذي لايتم الأستفادة منه بالشكل الصحيح.
وكذلك إمكان التوسع في التنجيم ببدئ استغلال مناجم الذهب الموجودة في كثير من المناطق غير الذي يستغل فيها الآن واستغلال منجم الفوسفات المعروف بحجم احتياطاته في منطقة بابي و التراب النادرة في بناغي، وهناك معادن أخرى منها معدن ثمين تم اكتشافه مؤخرا في تيرس .
إن إمكان التوسع في الدخول يعتبر فرصتنا التي يجب أن لاتضيع ولعلها الفرصة الأخيرة السانحة لإنقاذ بلدنا المحاصر بالمشاكل والمهدد وجوديا بالفشل الكامل والانهيار إذا لم يجد جديد في سياساته على المستويين: التسيير السليم للوسائل والتصحيح القويم للعلاقات الداخلية بين مكونات المجتمع !!
ثانيا: الحالة الثانية التي لا يمكن أن تعتبر خيارا وإنما وضعا سيئا قد يحتمه سوء التصرف والتمادي في السياسات الهدامة التي وصفنا في هذه الحالة لايمكن تقدير حجم المخاطر لكن من بينها الصراع الداخلي وانهيار الكيان والدخول فيما لايوصف مما يؤدي إليه الفشل.
إن عدم وعي الجميع لمخاطر عدم وقف التدهور وتركهم للتناقضات تتناما وللمشكلات تتراكم وتتعقد يعبر عن منتهي قصر النظر و الجهل، فعلى من يتمتع بمستوى من الوعي وروح المسؤولية أن لايترك الأمور تتدهور أكثر مما بلغت ، فلا يمكن تصور أن يبقى آلاف العلماء وآلاف حاملي الشهادات العليا والصحفيين والكتاب والمفكرين والساسة والقادة والمناضلين كلهم لايحركون ساكنا والمخاطر تقترب شيئا فشيئامن بلظهم ! فلا يمكن تصور تركهم جميعا للأمور في بلدهم تتدهور وتستمر في التدهور حتى تبلغ نقطة اللاعودة واللا إمكان للعلاج !!!
كيف نستغل زيادة الدخول الذي ننتظر لإنقاذ بلادنا من الخطر وتأمين مستقبلها؟؟
إن الخطوة الأولى لإنقاذ الأوضاع ووقف التدهور وبناء خطط إصلاح لابد منها تمر عبر وجود سلطة واعية تخطط وتنفذ وتختار وتحدد الأهداف.
إن الحاجة ماسة لقيام الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني بنهح سياسة جديدة واعية وصارمة لا مكان فيها للأختلاس والتلاعب بالمال العام ويحدد مبادئ ويضع قوانين تحارب عدم المساواة وجميع السلوك المتخلف وينهي الفسادنهائيا، ويمكنه تشكيل لجنتين:
١- لمحاربة بقايا الرق والتهميش والتفاوت في المستوى الأجتماعي تعمل لإزالة كل تباعد بين القوميات وبين الفئات والشرائح وتقوية أواصر الأخوة والمحبة والتفاعل بين المكونات، وإنهاء كل شكل من أشكال الترفع عن الأعمال والتكبر لبعض الفئات على بعضها، وتعتمد هذه اللجنة على القوانين وعلى الفتاوي والخطب للعلماء وعلى أجهزة الإعلام المختلفة وعلى التعاون مع المنتخبين نوابا وجهويين وبلديين ونقابيين وكل فئات الشعب الحية..
٢ – تشكيل لجنة مشاريع تخطط لإقامة مشاريع كبرى يشكل تحقيقها طفرة تخرج البلد من التأخر للتقدم ومن الفقر لبداية الغناءوالتقدم.
إن قيام مشروعات ضخمة في مختلف المجالات سيساعد على جعل المال الذي سيتدفق علينا يحقق مصالح حقيقية في تنمية البلد والأقلاع به في مسارات التقدم والتطورويحمي المال من التبخر في وجوه قليلة النفع والتأثير.. إن مشروع بناء أربعة طرق رئيسية من نوع الطرق السريعة العالمية يشكل حاجة ملحة لبلد ليست له طرق كما أن بناء سكة حديدية سريعة تربط أطراف البلد شيء مهم جدا في مضمار التقدم، كما أن إنشاء مشاريع مائية ضخمة لتحلية الماء على شواطئ المحيط لإزالة الحاجة للماء في تيرس وآدرار وتكانت أمر في غاية الأهمية لتقدم البلد وازدهاره لأن مشكلة العطش في هذه المناطق لاحل لها إلا بمثل هذه المشاريع، كما أن بناء أعداد كبيرة من السدود مع النهر سيمكن من توفير الماء الشروب ولكل الحاجيات لجميع الولايات من اترارزة حتى الحوضين ،وإن مشروع إصلاح جميع المناطق الزراعية سيساعد على تأمين حاحة البلد من الحبوب والخضار والفواكه!!
إن وضع مخططات مشروعات ضخمة كهذه التي أشرنا إليها هو السبيل لتطوير البلد وجعل المال القادم لا يذهب سدى ولا يستخدم في مجالات قليلة النفع .إن هذه النشاريع ضخمة ومكلفة فعلا لكنها بتحقيقها نبلغ مستوى متقدما في طريق الرفاهية والازدهار،ومن يعتقد أن هذه المشاريع لا يتوفرلعا المال القادر على تحقيقها لايرون الأمور بشكل صحيح إن مثل هذه المشاريع ستكلف عشرات ملايير الدولارات فعلا لكنها ستغير الأمور تغييرا لايقدر بثمن في الوقت الذي إن وجدت دراسات لهذه المشاريع لن يتردد الممولون في تمويلها لأن ثروات البلد فيها الضمانة الكافية لكل المستثمرين وتبقى المشكلة في القرار الذي تتخذه سلطة البلد فالمال القادم من مختلف المصادر المعروفة والمتوقعة كثير جدا وقادر على تحقيق كل ما يخطط له المخططون .
وعند إصلاح التسيير وترشيد الأساليب تستطيع الرخويات من الثروة السمكية الأشتراك بحجم كبيرفي الناتج الوطني والثروة الحيوانية ستزداد مشاركتها إذا اتبعت سياسات جديدة صحيحة، وسيتم التوسع في الأستغلال الأمثل للثروات المعدنية إذا تم التعامل معها بشكل أصح وأجدى مما كان يقع لتتضاعف الدخول من مختلف نوعيات المعادن .
عدم استغلال المرحلة القادمة من وفرة المال يشكل كارثة يجب تجنبها بأية وسيلة!!
إن عدم استغلال الظرفية المقبلة التي سيزداد الدخل فيها من إنتاج الغاز واليرانيوم والذهب والحديد وغير ذلك ستشكل كارثة حقيقية لأن وضع البلد لم يبقى قادرا على التماسك والاستمرار وسط مشكلات التفكك والتناقض الداخلي مع الأزدياد المضطرد للفقر والحرمان وتصاعد غلاء المعيشة وتفشي الأمراض المزمنة والأوبئة كأمراض الكبد الوباءى والسرطانات المنتشرة وغير ذلك من الأمراض مع ضعف الخدمات كلها والطرق والبنى التحتية وتدني التعليم كمه ونوعه ، كل هذه المشكلات مجتمعة تجعل بلدنا غير قادر على الأستمرار دون إحداث سياسات توقف هذا التدهور الذي بلغ حدا يصعب تجاوزه دون ولوج منطقة الخطر الأعظم الذي لا يبقي ولايذر .
هل يمكن لعاقل ان يرى إمكان استمرار السياسات الفاسدة الموغلة في السفه وقصر النظر والتي أوصلتنا إلى مانحن فيه ولايحرك ساكنا ؟ وهل يمكننا استمرار الوضع المأزوم مستقرا حتى نهاية مأمورية غزواني ؟ وهل نستطيع أن ننتخب بعد غزواني من لم يقدم برنامجا كاملا شاملا يتضمن مطالب الواقع؟ وهل يستطيع غزواني إذا انهى مأموريته بهذه السياسات المتسمة بالكثير مما يمكن نقده والكثير من القصور التي يمكن تحديده ومن الإخفاقات في تثبيت اتجاه إصلاحي واضح وقاطع؟ أيمكن لسيادته أن يطلب منا انتخابه فترة ثانية ليتم فيها إكمال ما بدأ من تردد في اتخاذ القرارات التي يحتاجها الوطن الذي وصل حدود الاحتضار؟؟
نعتقد الفرصة للإصلاح في آخر مراحلها فإذا تأخرت ولو سنة واحدة فقد ضاعت الفرصة ولم يبقى موضوعنا صالحا للبحث ولنتحاكم إلى قادم الأيام وليس الصبح لناظره ببعيد …