مؤامرة صامتة تستهدف التصوف والتجانية

في مالي، حيث سقطت الحكومة المركزية وضعفت مؤسسات الدولة، تتكاثر المؤامرات وتتشابك خيوطها في الخفاء، لتستهدف ليس فقط استقرار هذا البلد العزيز، بل استقرار المنطقة بأسرها. ومن أخطر هذه المؤامرات ما يُحاك ضد التصوف، وخاصة الطريقة التيجانية، التي شكّلت عبر القرون صمام أمان ديني واجتماعي لشعوب غرب إفريقيا.لقد تابعنا جميعًا ما جرى في مدينة إنيور من محاولة حركة “مآسينا” للسيطرة عليها، وما تبع ذلك من محاولة اغتيال الشيخ محمدو ولد الشيخ – حفظه الله ورعاه – في رسالة واضحة أن رموز التصوف باتوا في مرمى الاستهداف المباشر.واليوم، بلغت المؤامرة ذروتها باغتيال حفيد الشيخ إبراهيم انياس رضي الله عنه وأرضاه، في جريمة غدر وظلم وعدوان، هزّت القلوب وأكدت بما لا يدع مجالًا للشك أن التيجانية هي الهدف الأول لهذه الجماعات، رغم وجود طرق صوفية عديدة في مالي. لماذا التصوف؟ ولماذا التيجانية تحديدًا؟الطرق الصوفية، وخاصة التيجانية، تمثل عمقًا روحيًا واجتماعيًا واسعًا، وتُعتبر عامل استقرار ووحدة، إذ تنشر قيم السلم والتسامح والتعاون. هذا النفوذ الروحي الواسع يشكّل عائقًا أمام الجماعات المتطرفة التي تسعى لفرض رؤى متشددة دخيلة على بيئة مالي المتسامحة.كما أن استهداف التصوف يهدف إلى تفكيك النسيج الاجتماعي التقليدي، وفتح الباب أمام مشاريع خارجية تسعى لإبقاء المنطقة في دوامة العنف والفوضى. أبعاد جيوسياسية خطيرةما يجري في مالي لا ينفصل عن صراعات النفوذ في منطقة الساحل الإفريقي. هناك أطراف عديدة، داخلية وخارجية، تجد في إضعاف التصوف فرصة لإعادة تشكيل المشهد الديني والسياسي بما يخدم أجنداتها. فكلما ضعفت الطرق الصوفية، ازداد نفوذ التطرف، واتسعت الفوضى، وهو ما يصب في مصلحة من لا يريد للمنطقة استقرارًا.إن ما تتعرض له التيجانية اليوم ليس شأنًا ماليًا محليًا، بل هو هجوم على إرث روحي إفريقي عميق. لذلك، فإن حماية شيوخ الزوايا، ودعم التصوف المعتدل، وتعزيز الوحدة بين الطرق الصوفية، أصبح ضرورة عاجلة في وجه هذه المؤامرات.رحم الله حفيد الشيخ إبراهيم انياس، وحفظ الله شيوخنا وعلماءنا، وجعل كيد المعتدين في نحورهم.الشيخ التجاني ءاب السيد

زر الذهاب إلى الأعلى