لماذا لم يستطع الإعلام الرسمي إبراز إنجازات رئيس الجمهورية ؟ / السالك زيد
يتحدث كثيرون في الواقع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بينهم من يدعم نظام محمد الشيخ الغزواني، عن عجز تام للإعلام الرسمي في عملية تسويق الإنجازات التي قام بها في ما مضى من عمر مأموريته.
حديث يأتي في ظل تقديم المؤسسات الإعلامية الرسمية لأقصى ما يمكن من الجهد لإبراز عمل الحكومة، فهذه الإذاعة في كل أسبوع تبث ندوات على أمواجها وعلى كل القنوات الخصوصية وجل المنصات على مواقع التواصل الاجتماعي، مع عمل بعثات في الداخل، وتلك التلفزة الموريتانية تنشر بعثاتها في كل المقاطعات وتوسع مكاتبها وتطور نشراتها وبرامجها، ومن جانب ثالث الوكالة تصور وتكتب وتنشر، فلماذا العجز إذن عن تسويق الإنجازات؟ ولماذا كل هذا الجهد يضيع دون تأثير ؟
مالا يستحضره البعض عند الحديث حول هذه النقطة، هو أن الإعلام التقليدي لم تعد لديه قوة التأثير التي كان يمتلك في عهود سابقة، في ظل توهج مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة إذا كان هذا الإعلام قد عود الأجيال المتعاقبة على سياسة الترويج للرأي الواحد والتسويق لكل ما تقوم به الحكومات حتى وإن كان لا يقنع الآخرين أو لا يرقى إلى درجة يستحق معها الترويج .. إطلاق حنفية للماء في نواكشوط – ترقيع طريق عام – توزيع الصابون على المواطنين- إلخ
لقد فقد الإعلام الرسمي ثقة المواطن منذ زمن بعيد، حتى أصبح يرفض الحديث لها في مقابلات قصيرة للتقارير أو البرامج، لأن التجارب أثبتت أن كلامهم يتعرض للقطع كلما كان لا يتناسب مع الخط التحريري للمؤسسات أو لنقل بشكل صريح إذا كان ينتقد أداء هذا المسؤول أو ذاك، وعندما فقد تلك الثقة فقد معها المصداقية وإقناع المتابع بما ينشره حتى ولو كان حقيقيا وإنجازا كبيرا.
عندما ظهرت القنوات الخاصة وجدت أمامها أرضية صالحة للاستثمار فالمواطن كان متلهفا لإعلام يشاهد فيه ذاته من خلال مشاكله وصيحاته ومطالبه وأناته وغضبه، من حق المواطن أن يغضب على حكومته ومن حقه أن ينقل الإعلام ذلك لكي يصل إلى من يدير شأنه، لكن الإعلام الخصوصي مات شيئا فشيئا حتى كاد أن يختفي من المشهد، بل وصل به الأمر إلى أن أصبح منصة لبث إنتاج الإعلامي الرسمي.
فقد الإعلام الرسمي الثقة ومات الإعلام الخصوصي، ولم يبقى سوى منصات مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات المدونين، وكان لابد أن يكون الصوت الغاضب الممتعض هو الأعلى والأكثر تأثيرا وانتشارا، ببساطة لأنه غيب من إعلام الدولة وضعفت عنه وسائل إعلام رجال الأعمال، وفي هذه الحالة لا يكمن لأي إعلام مهما بلغ من الانتشار وضخامة الميزانيات أن يقنع مواطنا بتغيير هو يشاهد خطابا يروج لعكسه من خلال شاشة هاتفه.
مع بداية نظام محمد الشيخ الغزواني حاول الإعلام الرسمي الانفتاح على المعارضين في البرامج، وفي بعض الأحيان وصلت بهم المحاولة إلى بث مشاكل المواطن على استحياء، قبل أن تتراجع عن ذلك النهج وتعود حليمة لعادتها القديمة. وإضافة إلى هذه الوضعية فأن الأسلوب الذي تعمل به هذه المؤسسات لم يتطور ولم يتغير ولا يمكن أن يكون مقنعا.
في كل بلدان الإعلام هناك إعلام رسمي أو شبه رسمي أو إعلام محسوب على الدولة أو مقربين منها، لكن هذا الإعلام في حالة إبراز عمل لأي نظام يفعل ذلك حسب تقنيات الإعلام الحديث، من سرد قصصي واستخدام للبيانات والتأثيرات البصرية وتصوير وإخراج إلخ من أجل أن يجلب انتباه المشاهد أولا ويقنع ثانيا، أما عندنا فحتى أكثر المتطرفين في دعم النظام لن يستطيع الصبر على مشاهدة أو الاستماع للتقرير تلفزي أو إذاعي عن موضوع يبرز عمل النظام، فما بالكم بوثائقي أو مقابلة؟ وما بالكم بمن لديه حكم مسبق عن محتوى التقرير؟
فكيف تسألون عن سبب فشل الإعلام الرسمي في تسويق انجازات الرئيس وأنتم أمام هذه الوضعية؟
يجب على الإعلام الرسمي فتح صفحة جديدة مع المواطنين، شعارها الشفافية وإسماع صوت من لا صوت له، ويجب عليه تطوير قدرات العاملين فيه لكي يتسلحوا بتقنيات الإعلام الجديدة، فمن غير الممكن أن تكون إذاعة أو تلفزة تعمل في عام 2022 بنفس الطريقة التي كانت تعمل بها عند التأسيس، وتستخدم نفس العبارات والجمل والأسلوب.. لقد تطور الإعلام كثيرا من حولنا، أما هنا فما نزال نستخدم ” تندرج هذه الورشة” و “في هذا الإطار” و “إنجاز غير مسبوق وتاريخي” أما عن الصور الملتقطة واللقطات المصورة فهي بأسلوب اندثر من على شاشات القنوات وأصبح من الأرشيف البعيد.