قراءة في خطاب وادان / بلاهي ولد البخاري
استوقفني- في خطاب السيد رئيس الجمهورية في افتتاح مهرجان مدئن التراث في هذه السنة- اهتمامه بقضيتين جوهرتين هما السلم الاجتماعي او التعايش السلمي بين الفئات، والدعوة لمحاربة الممارسة القبلية والجهوية السائدتين في مجتمعنا. ولسائل ان يتساءل هل هذا الاهتمام بقضيتي السلم الاجتماعي والسلوك القبلي هو استهلاك للوقت اوهو محاولة لإسكات الضجة العرقية الأخيرة؟ اوهو إعلان حقيقي لمحاربة القبلية والجهوية ومخلفاتهما السلبية وتعزيز مفهوم الدولة وقيم الجمهورية؟
ان هذا الإعلان من أعلى سلطة في الدولة ينبغي أن يكون في نظري بداية تحول جديد يسعى لتحقيق قطيعة تامة مع ممارسات استشرت بقوة في هذا البلد وكانت في نظري عائقا أمام ماكان يمكن ان يحققه شعبنا من تقدم ورخاء. الم تكن هذه الممارسات حائلا أمام توافق مكونات شعبنا؟ الم تكن سببا لماينخر مجتمعنا من خلافات عقيمة لا مبرر لها؟
أليست القبلية والجهوية امراضا تعيق حركة التنمية والتقدم؟ أليست مناقضة لثقافة المواطنة والمصلحة العامة وإعطاء كل ذي حق حقه؟ يبقى السؤال الجوهري هو كيف يمكن تحقيق هذه الأهداف النبيلة أمام مد قبلي متصاعد ولوببات قبلية ومالية متحكمة وعنيدة لأي توجه إصلاحي؟ ان هذا التوجه الصارم الجديد يجسد في نظري إرادة قوية من أجل إصلاح جوهري ، حقيقي يضمن لكل ذي حق حقه، ومكانته اللائقة بعيدا عن الإقصاء والظلم و الانتقائية في ظل دولة عادلة وطنية، يشعر المواطن فيها بالانتماء للدولة، وليس للقبيلة.
وقد تعزز عندي هذا المنعرج السياسي الهام، بالإجراءات الصارمة التي واكبت تصريحات رئيس الجمهورية فيما يتعلق بالرقابة والمتابعة لإنجاز المشاريع. لكن تحقيق هذه الأهداف المصيرية يتطلب وعيا عميقا بضرورة تغيير العقليات، وجهود كل أطياف المجتمع، وان تسهر الدولة على تكريس ثقافة المواطنة والانتماء للدولة بدل القبيلة.. حان الاوان لنفهم ان لاسلطة فوق سلطة الدولة والقانون.ولاتنمية بدون ديمقراطية وعدالة اجتماعية حقيقيين.