للإصلاح كلمة: تـتـعلق بإصلاح التعليم
بمناسبة انعقاد اللجنة المطلوب منها إصلاح التعليم؛ ووجودها في كل ولاية، فإني أنتهز هذه الفرصة لأقول للجميع: أنه لا هم ولا من أمرهم بالنظر في الاصلاح يمثـلون فيه أنفسهم ولا يمـثـلون فيه من أمرهم به بل يمثـلون الشعب الموريتاني (وسيرى الله عملهم ورسوله)؛ لأن هذا الاصلاح إن كان في صالح الشعب يكون الانتـفاع به للجميع وإن كان لصالح المؤتمرين أو من أمرهم فإنه يكون إصلاحا اسما وفسادا نتيجة ومآلا كما يتضح بذلك أنه الابن غير الشرعي لإصلاح أو على الأصح لفساد التعليم الصادر سنة 1999.
فذلك الإصلاح كان قبله إصلاح يصدق فيه أن بعض الشر أهون من بعض، فالاصلاح المخضرم بين الإفساد والاصلاح الصادر في الثمانينيات قسم موريتانيا إلى شعبين في التعليم: شعب فرنسي محض، وشعب عربي كذلك.
وكأن من قام على هذا الاصلاح يقسم تركة بعضها يرث بالفرض وبعضها يرث عصبة.
والواقع أن الشعب الموريتاني يرث كله التعليم بالعربية تعـصيبا؛ فالمعلوم أن ميراث العصبة ينشأ عن الاتحاد في الآباء وطبعا الآباء هنا هم آباء اللغة العربية ـ ولـتــنظر اللجنة المحترمة هل آباء كل الموريتانيين على هذا الأساس يرثون العربية الموصلة مباشرة إلى كلام الله جل جلاله فهما لنصه وتفسيرا لمعانيه؛ فرضا أو عصبا لكل الموريتانيين؛ ولا فرق من هذه الناحية بين ميراث كل الشعب الموريتاني للتعليم باللغة العربية.
فذلك الاصلاح المخضرم وإن كان أصلح من جهة الشعب فقد حرم بعضه من ميراثه الشرعي المؤكد؛ والمصيبة الكبرى أنه أطـلق الحرية للأشخاص المتفرنسين في اختيار أي لغة للدراسة وقصر العربية على جزء محدود من الشعب كأنها سلعة ضعيفة القوى لا يستعملها إلا الفقراء والمكتفين ببقاء الحياة فقط.
فهذا التمـيـيز جعل الأغنياء يبحثون لأولادهم عن لغة يظنون أنها تتجسد فيها قوة الصحة لما تسهله من أنواع السرقات بها للمال العام وحسب رأيهم تـنـتج اللغة الفرنسية فيتامينات لا تصح الحياة من دونها.
وفعلا كان ظنهم صائبا لبنائه على تمسك النظام الحاكم بلغته التي لا يعرف إلا هي ولو بحضيض المعرفة؛ وتمسكوا بها تمسكهم بالحدود المرابطين عليها عادة لو اكتفوا بما أسند إليهم.
فجعلوا العربية هي العدو المهاجم فمنعوها دخول المكاتب ليكـتـفوا بها في المساجد فبذلك اكتسبوا الأغنياء وما شاكلهم ممن تهجى الفرنسية؛ ولا يعرف عن العربية العملية المكتوبة في الدوائر الحكومية إلا السماع بلفظها.
إلا أنه بعد عشر سنوات تقريبا من هذا التقسيم المنكر للشعب الممجوج أخلاقيا أثمرت دراسته تلك السنوات بظهور عباقرة في النصف الذي أجبر على التعليم بالعربية في الدوائر الحكومية، فاستوعـب المادة العلمية استيعابا شبه وحي يلامس فهمه القـلوب حتى تكاد تـتساوى فيه مع أساتذتها عند إلقاء الدروس.
وعندما اكتسب شباب تـلك الفترة شهادته العربية؛ فإذا شهادته تخرج نتيجتها من الوطن مع من خرج من أهل التـسفير في الأحداث لتعود الفرنسية التي غاب تعلمها غيبة غير بعيدة ليعـيدها أسوأ إصلاح قـتـل موريتانيا قـتـلا بطيئا ألا وهو إصلاح التعليم سنة 1999 ذلك الاصلاح الذي لا يماثله في احتقار إرادة الشعب إلا فتح سفارة لاسرائيل في نواكشوط وقطع العلاقات مع قطر.
هذا الاصلاح الذي جاء بفكرة الازدواجية التي فسرت فيما بعد تفسيرا دقيقا وهي أن معناها أن يكون صاحبها جاهلا لا يعرف أي لغة حتى صار كل معلم لأي لغة كأنه تلميذ في الابتدائية في اللغة التي يعلمها وهكذا حتى اليوم أوصلنا هذا الاصلاح الفاسد الأرعن إلى نسبة نجاح %8 من عشرات آلاف المترشحين للثانوية العامة.
هذا ملخص لفساد التعليم بعد الثمانينات وما سبب هذا الانحطاط إلا اقتصار المفسدين لاصلاح التعليم على تمـثيل أنفسهم أو من أمرهم ساعة الإصلاح.
وعليه فإن الشعب الموريتاني الآن وبعد تـلك النتيجة المخجلة يطلب من هذه اللجان المعينة للإصلاح أن تمثـله هو كله؛ ولا يمكن ذلك إلا أن تأخذ بعين الاعتبار أن كله مسلم؛ بمعنى أن كله عربي إما بالأصل وهم العرب العاربة وإما بالسليقة وهم العرب المتعربة الذي منهم رسول الله صلى الله علية وسلم الذي أنزل الله كتابه بلـغـته أي اللغة العربية وقال تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} بمعنى أن السليقة تجعل الإنسان عربيا تـلـقائيا.
وعليه، فأنا أقدم إليكم هذا الاقتراح المبارك إن شاء الله الذي إذا فعلتموه سيقول لكم الشعب ما قاله من بشر الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد توبة الله عليهم، قال البشير لأحدهم وهو يبشره: أبشر بأحسن ما سمعت أذناك من يوم ولدتك أمك لقد نزل القرآن في توبتكم.
وأنتم فسيقال لكم بعد هذا الاقتراح أبشروا باستقبال الخير كله أحياء أو أمواتا ما عـلمنا منه وما لم نعلم.
أما الاقتراح فأنتم تعلمون أن بداية دخول الطفل الموريتاني للمحظرة عندما يبلغ 5 سنوات وفي المدرسة النظامية 8 سنوات أي بضياع 3 سنوات يسبب المدرسة ؛ بمعنى أن على الدولة تأميم واحتكار الدراسة في المحظرة على جميع التراب الوطني وتكون إجبارية من سن 5 سنوات وبدل من تبعيتها للتعليم الأساسي تكون تابعة لوزارة الشؤون الإسلامية ولمدة6 سنوات فيبلغ الطفل 11 سنة ليحصل فيها على شهادة توجيه إلى التعليم الثانوي.
أما التعليم كله إلى الجامعة يكون فيه التدريس باللغة العربية في جميع شعبه:
أ ـــ ب ـــ ج.
وتكون اللغة الأجنبية الأولى الفرنسية والثانية الانكليزية كلهما لغة ثانية ابتداء من التعليم الثانوي تدرسان كلغة مخاطبة فقط.
أما السنوات الابتدائية المحظرية فتدرس فيها جميع شعب اللغة العربية وعلى رأسها حفظ من أجزاء من القرآن ومعه أدبها من نحو وبلاغة إلى آخره.
هذه هي المدرسة الجمهورية الوطنية التي تشمل ما بين ساكنة فصال شرقا إلى انجاكو غربا ومن غابو جنوبا إلى الشقات شمالا.
وهذه المحظرة يكون أساتذتها من المحاظر بعد مرورهم بتكوين سنة واحدة على الدراسة المنهجية التي تلائم العصر ويكون الأساتذة من الساكنة نفسها إلا إذا لم يوجدوا فتحول لهم الشؤون الإسلامية مدرسين من احتياطاتها الكثيرة ولله الحمد.
وعلى الدولة أن تؤمم ميزانية كل المبادرات الأخرى لهذه الدراسة من محو أمية (الفضيحة الدائمة) وكذلك بعض المسابقات القرآنية وحتى بعض الجامعات الإسلامية لصالح هذا الاصلاح مع أن الوزارة كانت تنفق كثيرا على بعض المحاظر دون مردودية على الجميع.
نتائج العمل بهذا الاقتراح:
أولا: التعريب الشامل دون أي تكلف
ثانيا: الالتحام والانسجام بين جميع المواطنين خريجي المدرسة الإسلامية الواحدة
ثالثا: رجوع الناشئة كلها إلى أصول الإسلام تعليما وأدبا.
رابعا: تمام المساوات بين جميع المواطنين أغنياء وفقراء أيا كانت لغتهم وحرفهم إلى آخره؛ فلا كلام بعد هذا اليوم عن الغبن والتهميش، فإن فهمتم هذا الفهم الصحيح فنعم ما هي؛ وإن قدمتـم في اجتماعاتكم هذه نظر أنفسكم أو أحزابكم أو هيئاتكم فقد خنتم الله ورسوله والشعب وبئتم بغضب من الله وهو يقول: {واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه}.