كواليس أزمة صامتة بين وزير العدل والقضاة

تتفاعل في كواليس العدالة أزمة صامتة بين القضاة الموريتانيين ووزير العدل حيمود ولد رمظان، وذلك بعد 9 أشهر من تسلم الوزير للقطاع في أول حكومة يعينها الرئيس محمد ولد الغزواني.

وأخذ الخلاف بين القضاة والوزير عناوين متعددة من بينها اتهام القضاة له باستبعادهم من لجان تعديل القوانين، وكذا مماطلته في لقاء المكتب الجديد المنتخب لنادي القضاء رغم طلبه لذلك، وتعطيل شبكة الهواتف المهنية للقضاة واستبدالها بأخرى دون تشاور معهم، أو حتى إخطارهم مسبقا.

كما اتهم القضاة الوزير ولد رمظان بإصدار نشرية باسم الوزارة، ونشرها على صفحة الوزارة على فيسبوك، تتضمن ما رأوا فيه “تعريضا بالقضاة” من خلال الحديث عن تغيب أعداد معتبرة منهم عن أماكن عملهم، في حين يرى القضاة أن هذه الحالات محدودة وسببها أن أصحابها وجدوا أنفسهم عالقين بسبب حظر التنقل بين المدن، متهمين الوزير بأنه لم يحرك ساكنا رغم طلبهم اتخاذ إجراءات كفيلة بانتقالهم إلى أماكن عملهم وفق ترتيبات رسمية.

ويستغرب القضاة استبعادهم من التمثيل في اللجان المكلفة بالتعديلات الجارية على النصوص المنظمة لمسارهم المهني ولوظيفتهم، ويعتبرون أن المسودات الأولى لهذه النصوص تضمنت تجاوزات وأخطاء كثيرة وتراجعا خطيرا في ضمانات استقلالية السلطة القضائية.

كما استغرب القضاة تلكؤ الوزير في استقبال المكتب الجديد لنادي القضاة رغم مضي أكثر من شهرين على انتخاب المكتب الجديد، ونحو أسبوعين من طلب رسمي تقدم به مكتب النادي للقاء الوزير دون أن يتم اللقاء أو يعتذر الوزير عن تأخيره.

كما استبدلت وزارة العدل خلال الأسابيع الأخيرة شبكة الهواتف المهنية التي يستخدمها القضاة من أكثر من عقد من الزمن، حيث تم تحويل الشبكة من شركة “شنقيتل” إلى شركة “موريتل”، وهو ما يرى القضاة أن تم بشكل مفاجئ، دون تشاور معهم، أو حتى إعلامهم بالخطوة كشركاء قبل الإقدام عليها.

ويعتبر القضاة أن الوزير خلال 9 أشهر التي أمضاها على رأس القطاع لم يبد أي اهتمام بما يرون أنه “العمود الفقري للقضاء الذي يتمثل في المحاكم، كما يتهمونه باتخاذ مواقف سلبية من القائمين عليها وهم القضاة.

ورأى القضاة أن عدم الاهتمام تمثل في تجاوز ضوابط العلاقة بين وزير العدل والقضاة من خلال محاولة التدخل في العمل القضائي دون مراعاة لأحكام الدستور والقوانين المنظمة للسلطة القضائية، ممثلين لذلك بحادث مواجهة حدثت بين الوزير وأعضاء المحكمة التجارية بنواكشوط حيث رفضوا محاولته الحديث معهم حول مجريات ملف منشور أمام المحكمة.

كما اعتبر القضاة أن من مظاهرها عدم زيارة الوزير لأي من قصور العدل أو المحاكم سواء في نواكشوط أو في الداخل منذ توليه الوزارة، باستثناء حضوره تدشين قصر العدل في أكجوجت بمناسبة الاحتفالات المخلدة لذكرى الاستقلال، كما أنه لم يتفقد أيا من السجون للاطلاع على حالتها وعلى أوضاع السجناء.

ويتحدث القضاة في نقاشاتهم حول الأزمة المتصاعدة عن وضعية سيئة تعاني منها البنى التحتية للقطاع، حيث توجد أغلب المحاكم في مبان مستأجرة لا يتوفر فيها الحد الأدنى من متطلبات المرافق القضائية، وحتى في ذروة الإجراءات الخاصة بالوقاية من وباء كورونا المستجد لم يتم تعقيم المحاكم ولم توفر للقضاة وأعوانهم أية وسائل للوقاية، متهمين الوزير بعدم إيلاء أي اهتمام لهذا الملف، أو لتغيير هذا الواقع خلال الأشهر الماضية.

كما تحدث القضاة عن تراجع كبير في الاهتمام بالتكوين المستمر للقضاة وتمكينهم من النصوص والوثائق الضرورية لعملهم، حيث لم تنظم الوزارة خلال هذه الفترة أي ورشة أو ملتقى، ولم توزع أي مراجع على القضاة منذ عدة أشهر.

كما اتهموا الوزير بالتدليس في المعطيات المقدمة حول القطاع بحيث يظهر كما لو كان القضاة وأعوانهم مقصرين في تطبيق خطط القطاع، معتبرين أن الخطط التي يتحدث عنها الوزير لم تتجاوز بيانات مقدمة أمام مجلس الوزراء، ممثلين لذلك بقصة مكاتب المساعدة القانونية التي تم إيهام الحكومة والرئاسة أنه تم افتتاحها فعلا على مستوى محاكم الولايات، في حين أنها لا وجود لها.

كما اتهم القضاة الوزير بالتباطئ في تنفيذ التوصيات الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء في دورته الأخيرة، والرامية إلى تكريس ضمانات أكبر لاستقلالية القضاء، وتطوير الإطار التنظيمي، وتحسين ظروف العمل.

زر الذهاب إلى الأعلى