تونس : مشاورات تشكيل الحكومة متواصلة..الجملي ينجح في استدراج الممانعين؟

شرع رئيس الحكومة المكلف حبيب الجملي في مشاوراته منذ يومين فقط ، حقق خلالهما اختراقات محترمة أذابت بعض جليد التصريحات التي صدع بها كثير من السياسيين إذ أن المتابعين وبدأت حدتها تتراجع يوما بعد يوم.
انطلاقة حركة النهضة في المشاورات طيلة أسبوعين كاملين لم تحقق نتيجة تذكر ، اذ تشبث كل حزب بموقفه وأطلق تصريحاته المغازلة لناخبيه في موقف يؤكد عمق الازمة التي يعانيها الوضع السياسي في بلادنا الناتج عن النظرة السياسية الضيقة واكتفاء كل طرف على التعويل على ما يمكن ان يفيده في نظر جمهوره وانصاره وكيف يتمكن من الظهور في موقف القوي الذي يفرض شروطه ويعطي الانطباع بالقيمة والاهمية بحيث تتوقف البلاد بأكملها على رأيه وتوجهه. هو موقف سياسي تكتيكي مشروع الى حد ما ولكنه زمن التحديات الوطنية القاهرة يأخذ شكل التخلي على هموم الوطن وينحو تجاه المصلحية السلبية.
تغيير شخصية البطل
  يعمد كثير من كتبة السيناريوات الدرامية في بعض المناسبات الى تغيير شخصية البطل لاعطاء بعض المسلسلات نكهة جديدة تحفز على المتابعة والاهتمام ، ولعل ذلك ما ذهب إليه كاتب السيناريو السياسي راشد الغنوشي. اذ سرعان ما تفطن الى ضرورة ادخال اسم آخر في المعادلة يتمكن بواسطته من فتح فجوة في جدار صد الأحزاب على المشاركة في حكومة مع حركة النهضة. وكانت المفاجأة ان كل الأحزاب التي كانت منذ أيام ممانعة وترفع كثيرا من اللاءات ، تنخرط سريعا في خطاب جديد يبتعد عن الرفض المطلق وينجرف تجاه المشاركة حتى ان أدى الامر الى التخفيض من الاشتراطات مثل ما صرح بذلك غازي الشواشي قائلا «ان مطالبة التيار الديمقراطي بثلاث وزارات ليس قرآنا منزلا»  مما يفيد انه يمكن التنازل عنه. وفي نفس السياق علّق رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي على تصريحات رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي استبعد إمكانية مشاركة قلب تونس في الحكومة الجديدة. قائلا إن قلب تونس سيتفاوض مع رئيس الحكومة الحبيب جملي لا مع رئيس حركة النهضة، متابعا أنه تمّ طرح السؤال على رئيس الحكومة المكلف الذي أكّد لهم ذلك. وكذلك قال عضو المكتب السياسي لحركة الشعب، هيكل المكي إن اللقاء الذي جمع وفد الحركة برئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي يأتي في إطار تفاعل الحزب الإيجابي لحلحلة الأوضاع السياسية. وأضاف المكي أن رئيس الحكومة المكلف أكد إستقلاليته التي تعتبرها الحركة مسألة مهمة لمستقبل الحكومة.
مناولة
رئيس الحكومة المكلف قام بخطوة ذكية يشتم منها رائحة دهاء كبار القوم باستقباله لوزير المالية الأسبق فاضل عبد الكافي ليضرب بذلك عدة عصافير بنصف حجر اذا يضفي على شخصيته صفة الاهتمام بالمسألة الاقتصادية الحارقة ثم يقدم صورة على انفتاحه على الطاقات الوطنية على اختلاف مشاربها دون ان نغفل على ان الوزير عبد الكافي كان احد المقترحين من نبيل القروي لرئاسة الحكومة وفي ذلك إشارة لا تخفى عن إمكانية ادماجه في الحكومة المقترحة تحت عنوان الكفاءة مما يجعل حزب قلب تونس مشاركا عبر الية المناولة حتى ان اظهر البقاء خارج الحكومة وقد نرى اكثر من شخصية وطنية تقدم على هذا الأساس بما ينزع الحرج عن الأحزاب التي رفعت شعارات انتخابية عالية السقف ووجدت نفسها تعود الى نفس الكنانة لتطلق منها أسهمها في اتجاه أهدافها. 
رئيس الحكومة المكلف استطاع بهذا الأسلوب استدراج قوى الرفض للقبول بمبدإ الحوار على الأقل وانطلق من أرضية تمكنه من المناورة وعكس الحرج في تجاه الأطراف التي يتحاور معها اذ لم يعد ممكنا رفع شعارات التمنع والرفض ما دام الرجل مستقلا ومنفتحا على الجميع أحزابا ومنظمات وشخصيات وطنية ومستعدا للتنازل على كل ما يعطل الحوار انطلاقا من البرنامج الاقتصادي والاجتماعي ووصولا الى الأسماء المقترحة للتشكيلة الحكومية

زر الذهاب إلى الأعلى