الرباط : ندوة حول العلاقات التاريخية المغربية الفرنسية
انعقدت الدورة الخامسة للأيام التاريخية الفرنسية المغربية الكبرى، اليوم الجمعة بالرباط، حول موضوع “العلاقات الفرنسية المغربية في عهد ملوك المغرب الثلاثة: جلالة المغفور لهما الملكان محمد الخامس والحسن الثاني وصاحب الجلالة الملك محمد السادس”.
وشكل اللقاء، الذي نظمته الجمعية الدولية “السفيرة” بشراكة مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكدال التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، مناسبة لتسليط الضوء على العلاقات التاريخية التي تجمع المغرب وفرنسا.
وفي كلمة بالمناسبة، قال المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، السيد مصطفى الكثيري، إن سياسة جلالة المغفور له الملك محمد الخامس كانت إنسانية وكونية، لكونه كان يسعى أولا للدفاع عن القيم الكونية للحرية والتسامح والكرامة الإنسانية، مضيفا أن الملك الراحل وجه نداءه التاريخي في 3 شتنبر 1939، مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، والذي تمت تلاوته في كافة مساجد البلاد، لحث المغاربة على الالتحاق بصفوف جيوش الحلفاء.
وذكر بأن القوات المغربية شاركت، عقب هذا النداء، في المعارك التي جرت بعدة جبهات مفتوحة في فرنسا، فقد خلالها مئات الآلاف من الجنود أرواحهم أو كللوا بالنصر، موضحا أن المغرب ساهم، خلال الحرب العالمية الثانية بحوالي 90 ألف جندي خلال المرحلة الأولى من الحرب، و100 ألف آخرين خلال المرحلة الثانية.
وأبرز أن الحلفاء، وأساسا فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، كانوا يعتبرون المغرب بمثابة معسكر شاسع للتدريب وقاعدة استراتيجية لانطلاق بعثات تحرير أوروبا المحتلة بالمناطق المحاذية للبحر الأبيض المتوسط، مضيفا أنه تم، في هذا السياق، إنزال قوات الحلفاء بالسواحل المغربية في كل من الدار البيضاء والمهدية يوم 8 نونبر 1942، وما تلاه من انعقاد مؤتمر أنفا في 13 يناير 1943، المنعطف الحاسم في أحداث الحرب.
وقد تم توشيح جلالة المغفور له، الملك محمد الخامس، يضيف السيد الكثيري، بوسام “رفيق التحرير” في 20 يونيو 1945، اعترافا بالدور البطولي للمحاربين المغاربة خلال الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أن الأمير الحسن آنذاك، الذي عايش هذه الأجواء، والذي أضحى رجل قانون، كان يقدم النصح لوالده، وقام بتحرير خطاب العرش الذي ألقاه والده في 1952، واعتبر بمثابة ميثاق للوطنية المغربية.
وسجل أن مسار العلاقات الفرنسية المغربية تغير بعد الاستقلال، حيث شهد عقد السبعينيات من القرن الماضي إرساء أسس علاقة متينة بين البلدين، تتمحور حول التعاون السياسي والاقتصادي والأمني.
وقد أطلق صاحب الجلالة الملك محمد السادس، منذ اعتلائه العرش، سياسة مرنة تطبع عهدا انتقاليا من أجل مغرب أكثر حرية وحداثة ينضم للمبادئ الكونية ويسعى للحاق بصف البلدان المتقدمة ومواصلة تطوير سياسة والده الراحل، خاصة على المستوى الاقتصادي، مبرزا تواصل توافد المستثمرين الفرنسيين لتعزيز هذه الروابط، وتحسين الظرفية الاقتصادية المغربية.
من جهته، قال عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكدال، السيد فريد الباشا، إن المغرب يرتبط بعلاقات خاصة مع فرنسا تتسم بالقوة، مسجلا أن اختيار الكلية لم يكن اعتباطيا لكونها تعد أول كلية للحقوق بالمغرب دشنها جلالة المغفور له محمد الخامس ومن بين طلابها جلالة الملك محمد السادس.
من جانبها، أبرزت رئيسة شبكة النساء البرلمانيات العربيات، السيدة فاطمة مازي، العلاقات التي تربط مجموعات الصداقة المغربية الفرنسية، القائمة على شراكة تاريخية متينة واحترام متبادل وتدعيم المكتسبات، معتبرة أن الأمر يتعلق أيضا بتجربة جماعية ذات أمد طويل وتحالف استراتيجي متين للتأثير على السياسات الوطنية وتحقيق التغييرات على المستوى المحلي.
ومن جهتها، قالت رئيسة الجمعية الدولية السفيرة، السيدة نعيمة مغير، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن اللقاء يندرج في إطار تخليد الذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء، والذكرى 64 لعيد الاستقلال، وأيضا الذكرى الـ70 لتحرير فرنسا والذكرى الـ20 لاعتلاء جلالة الملك محمد السادس للعرش.
وأوضحت، في هذا الإطار، أنه تمت برمجة سلسلة من الأنشطة بالمغرب وفرنسا، تهم على الخصوص تاريخ وذاكرة هذين البلدين، وكذا أياما ثقافية وموائد مستديرة حول الاستثمار والتعاون جنوب – جنوب.
وتم، في ختام اللقاء، تكريم عدد من الشخصيات، ويتعلق الأمر بالأستاذ السابق للعلاقات الدولية بكلية الحقوق بالرباط، عبد الواحد الناصر، والمندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، وكذا عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكدال، فريد الباشا.