أية قيمة للتحصيل المعرفي دون قيم أخلاقية ؟ / السيد ولد صمب انجاي
تعتبر القيم الأخلاقية الواجهة الأساسية لكل الأمم خاصة البلدان العربية والإسلامية التي تدين بالإسلام ’ ولقد كان له السبق في نشر القيم الخلقية ’ ولقد حمل لواء هذا الصرح القيمي رسولنا محمد صلي الله تعالى عليه وسلم ’ لقد وصفه الله جل جلاله قائلا : { وانك لعلى خلق عظيم } كما سئلت أمنا عائشة رضي الله تعالى عنها عن أخلاقه صلى الله عليه وسلم فأجابت كان خلقه القرءان ’ فأين نحن من هذا ؟ وهل يستقيم الدين والإيمان بعد فصل القيم الخلقية الأتيكية عن الجانب الروحاني{ السبرتيالي } والجانب المعرفي ؟ ’ أية قيمة للمعرفة العلمية عندما لا تكون استجابة لمعتقداتنا الدينة والتدينية والأخلاقية والعرفية ؟ ما الذي نعنيه بالقيم الأخلاقية وما مصدرها ؟ ما معنى انفصام القيم الخلقية عن الجانب الديني ألا يعد ذلك دعوة لعولمة السلوك الأخلاقي ’ وابتعادا عن الدين والإيمان العقدي ؟’ ما دور المربي في صناعة الأجيال باعتبار المدرسة مصنعا ’ وما معنى فصل الدين عن الجوانب الخلقية ؟ أسئلة ضمن أخري وددت طرحها بعجالة بغية إزالة اللبس عن بعض الأمور التي تعتمل في وجداننا ’ وكيف أن دور المربي أو المعلم والأستاذ ينحصر فقط ـ كما يزعم البعض ـ في تقديم الوجبة المعرفية بعيدا عن كونه مرشدا ومربيا أخلاقيا بالدرجة الأولى ’ فهذا احد المفكرين الأميريكيين الكبار { رتشارد رورتي} يرى أن دور المربي يكمن في كونه لم يعد فقط يتمثل في تقديم البعد المعرفي على حساب البعد الأخلاقي ولذا يخلع على المربي صفة المرشد والمنشئ للأجيال ’ ويجب أن لا يغيب عن الأذهان أن وزارتنا المعنية بتربية وتعليم أبنائنا تسمى أو هكذا أطلقوا عليها { وزارة التهذيب الوطني } فلماذا لا تكون وزارة التعليم الوطني ؟ ’ فنحن نستك المفاهيم الجيدة والمعبرة ’ لكننا ـ للأسف ـ في المقابل لا نعى تلك المفاهيم والتصورات خاصة الأستاذ والمعلم ’ فالتهذيب قبل التعلم ’ لأنه شرط للفهم والإنصات ’ فنحن معشر الأساتذة والمعلمين مطلوبون بالتربية الحسنة قبل إعطاء المعلومة المعرفية لأننا نمثل دور الآباء والدولة في بث القيم النبيلة الراقية التي مصدرها ديننا الحنيف مبتعدين عن دعاة التغريب وعولمة القيم الخلقية ’ فنحن يمكننا تجوزا عولمة الاقتصاد ’ لكن أن نعولم قيمنا وأخلاقنا ’ فذلك أمر مردود وبدعة غير حسنة تحسب علينا لا لنا ’ بل ووصمة عارفي جبيننا إلى يوم نبعث ’ فأمة تدين بالإسلام { الجمهورية الإسلامية الموريتانية } كشعار لها ’ فيدعو البعض إلى التخلص من القيم الخلقية ’ فذلك مدعاة لمراجعة الذات .
فدعاة التغريب والتماهي مع الآخر { الغرب } المولعين بالثقافة الغربية من العرب والمسلمين ’ لا يمكن لأي كان منهم أن يطلب من الغربيين التنازل عن قيمهم إلا ونظروا إليه نظرة شزراء ’ فما بالك بنا نحن المسلمين أن نتخلى عن قيمنا وأعرافنا وحتى تقاليدنا من أجل رضي الغرب وغضب الرب الذي تدين له كل الأمم ’ انه رب العالمين السباق إلى الحداثة والعصرنة قبل الغرب منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنا من الزمن ’ فالغرب الذي نحن مولعين بمجاراته ومحاكاته في كل شيء وأصبح المسلمون يلهثون وراءه يقلدونه غير عابئين إن كان ذلك محرما بالشرع أو مكروها ’ وكأن نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم قد تحققت حيث يصف حال الأمة الإسلامية وصفا دقيقا حيث يقول : { لتتبعن سنن من كان قبلكم ’ شبرا بشبر ’ وذراعا بذراع ’ حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم } قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال : { فمن ؟ } وهذه التبعية يستشف منها الذم لا المدح وبلاغة الرسول في اختيار جحر الضب لم تكن صدفوية ’ فمعروف أن جحره شديد القذارة وله فتحة واحدة ’ فهو ليس كباقي الحيوانات التي تصنع عدة فتحات لتخدع أعداءها ’ إن الوصف بجحر الضب فيه مهلكة محققة ’ ولا شك أننا اليوم مولعون بتقليدهم حتى الثمالة ’ ومن ثمة يكون دور المعلم والأستاذ في ظل أزمة قيمنا التي أصابت من قبلنا من الأمم ’ فنحن نسمع دوما عن أزمة القيم الأوربية ’ فلم لا نتعظ ’ أم أننا مصابون بحمى التقليد الأعمى؟ ’ فدور المربي هو كشف النقاب عن المستور والمحجوب عن الآخرين الضالين والمضلين وتبيان مدى خطورتهم على الفرد والمجتمع ’ ذلك أن الأخلاق حسب ابن مسكويه الفارسي في تعريفه للخلق يرى بأنه : { حال للنفس داعية لها إلى أفعالها من غير فكر ولا روية لكنه قد يكون طبيعيا من أصل المزاج …. ومنها ما يكون مستفادا بالعادة والتدريب وربما كان مبدؤه بالروية والفكر ’ ثم يستمر عليه حتى يصير ملكة وخلقا } وهو ما يجعل تغيير الأخلاق السيئة إلى حسنة أمرا ممكنا ’ هكذا فقد شدد العلماء على ضرورة التزام طالب العلم بمجموعة من الآداب العامة والخاصة مؤكدين أن العلم لا يحصل إلا بالأدب والأخلاق الرفيعة ’ لذلك فالتعليم عملية متكاملة تجمع بين التربية والتعليم ولا يمكن أن يقوم أحدهما من دون الآخر ’ فلا بد لطالب العلم أن يتحلى بالأدب مع أساتذته في المدرسة والجامعة ولا يعطل سير العملية التعليمية ولا يخرب أماكن تعلمه ومؤسسات تحصيله والعبث بها وأن يجل أهل المعرفة ويكرمهم يقول صلى الله عليه وسلم : { من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة } ولنا في توجيه النبي لابن عباس وإرشاده ما يبرر ما ننحو إليه حيث يقول : { يا بني احفظ الله يحفظك ’ احفظ الله تجده تجاهك } ’ ومن ثمة فان طلب العلم عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه ’ وعليه فان الخلق الكريم ركن ركين لا يمكن الاستغناء عنه فهو يمكن من مواجهة قوى الشر والانحراف والفساد خاصة في ظل عولمة القيم ’ فالعلم إذا كان بمعزل عن الخلق يصبح عديم القيمة فاسد النتيجة ’ كما أن ذلك يؤدي إلى فصل الدين عن الحياة العامة ودعوة صامتة إلى العلمانية التي أهلكت من قبلنا ’ فأية قيمة للتحصيل المعرفي إذا كنت تبنى وغيرك يهدم ’ وكيف يستقيم الظل والعود أعوج